Pages

mercredi 17 juillet 2013

الصوم بين الإيمان والتقوى

الصوم بين الإيمان والتقوى

  لقد تجلى في آية الصوم واضحًا أن الصوم وقع بين الإيمان والتقوى( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، فإذا أردنا أن نعرفَ سببَ إتيان الصوم بين الإيمان والتقوى؛ فلابد أن نتعرضَ لمعرفة معاني هذه الكلمات الثلاثة"والإيمان - الصيام - التقوى

إنَّ الإيمانَ يعني: أن نؤمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله ولا نفرق بين أحد من رسله والقضاء والقدر بخيره وشره وحُلوه ومُره، ولقد خاطب الله عزوجل المؤمنين في هذه الآية؛ لإن الذي يستجيب لأمره الكريم يندرج اسمه تحت طائفة المؤمنين. والجدير بالذكر في هذا الصدد أن الله عزوجل ما نادى المؤمنين إلا إلى خير في دينهم ودنياهم وأخراهم، ولا نهى المؤمنين إلا عن كل ما لا تصلح دنيا ولا أخرى، ولقد قال عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:" إذا سمعت الله ينادي (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه

    الصومُ لغةً: الإمساك عن الشيء، فصام تعني "أمسك"، وفي الشرع: الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات مع النية من طلوع الشمس" الخيط الأبيض" إلى غروب الشمس " الخيط الأسود". أما التقوى فهي من الوقاية والحماية من الشيء الذي نخافه، حيث سُئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – عن التقوى فقال:" الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل"، وسأل رجل الفاروق عمر - رضي الله عنه - فقال:" هل أخذت طريقًا ذا شوك قال: نعم، فماذا فعلت؟، قال: تشمرت وحذرت، قال: فذاك التقوى

   بعد التعرض لمعاني هذه الكلمات الثلاث نلاحظ أنهم يتعلقون تعلقًا كبيرًا بالقلب لا باللسان، فالإيمان يتعلق بقلب المسلم لا بمظهره" إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"."قالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ.......". أما الصوم فالحديث القدسي يثبت أنه يتعلق بالقلب رغم أنه عبادة جماعية، فالصوم عبادة فردية أكثر 

منها جماعية، حيث يختلف الصوم من شخص لآخر كل حسب عمله وإيمانه وفعله، فقد يكون الإنسان صائمًا بين الناس؛ ولكن بينه وبين وربه ونفسه ليس بصائم( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)؛ هكذا تجلى ارتباط الصيام بالقلب. التقوى إن كانت كلمة بسيطة في مبناها ولكن عظيمة وهائلة في معانيها ومراميها، فهي الشيء الذي يدفع المسلم إلى التحلي 

بالقيم والفضائل والبعد عن الرذائل وتجنب كل فعل لا يرضي الله عزوجل، وهذه الخصلة لا تنبع من اللسان بل من القلب الذي بين الصدر( واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور) أي أن الله السميع العليم يعلم ما في صدورنا أي ما في قلوبنا( وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبير

  هناك نقطة لقاء بين هذه الكلمات الثلاث ألا وهي الجزاء الذي أعده الله عزوجل للمؤمنين والصائمين والمتقين فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون"، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"، "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به

هكذا تجلى الصوم واضحًا بين الإيمان والتقوى من خلال تعلق هذه الكلمات الثلاث( الإيمان - الصوم – التقوى) بالقلب لا اللسان، وأيضًا الجزاء العظيم من العاطي الوهاب لعباده المؤمنين الصائمين المتقين. فلا تحرم يارب العالمين عبادك من هذا الجزاء العظيم والحمد لله رب العالمين

0 commentaires

Enregistrer un commentaire